تعريف ربا الفضل؛ والحكمة من تحريم ربا
مصطلح الربا بشكل عام يشير إلى الفوائد المالية التي تدفع على القروض أو عند التأخير في سداد دين ما، وربا الفضل يشير إلى الزيادة في شيء ما فمثلًا حينما نقول فلان أربى معناه أنه قد أخذ زيادة محددة عما أعطى؛ ويقال فضّل الشيء عندما يتبقى منه أكثر من الحاجة، ويقال فضّل فلان على فلان أي غلبه بما زاد عليه من فضله، وهو محرم لما ينتج عنه من ظلم لكلًا من الفرد وكذلك المجتمعات.
تعريف ربا الفضل
ربا الفضل مصطلح معروف في الشريعة الإسلامية ويقصد به تلك الزيادة التي تظهر في أحد العوضين دون الآخر عند بيع شيء بشيء من جنسه .
على سبيل المثال: كأن يبيع شخص الذهب بالذهب ويزيد أحدهما عن الآخر، وهو ما يجعله عقد ربوي، مع الإشارة لضرورة تماثل الجنس حتى يطلق عليه ربا الفضل؛ فالذهب بالذهب والفضة بالفضة والعملات النقدية بمثيلاتها.
حكم ربا الفضل
بعد أن ذكرنا تعريف ربا الفضل كان من الضروري الانتقال لشرح حكمه؛ فهو محرمًا بالإجماع فلا يجوز تبادل سلعة بسلعة من نفس الجنس وزيادة أحدهما دون الآخر وكان ذلك في كل العمليات التبادلية بشكل عام والأصناف التالية بشكل خاص:
- الذهب.
- الفضة.
- البُر “القمح“.
- الملح.
- التمر.
- الشعير.
وذلك لما ورد فيه من نصوص صريحة فقد رُوي عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ”
وغيرها من الأحاديث التي أخبرنا فيه صلى الله عليه وسلم بأن البيع مثل بمثل فإن زاد أصبح ربا.
علّة تحريم ربا الفَضْل
حرم الإسلام ربا الفضل نتيجةً للأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تحدث بسببه، حيث يتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة التي يقوم عليها الدين، وقد أجمع الفقهاء الأربعة على أن تبادل شيئين وقد توفرت علة ربا الفضل فهو محرمًا، ولكن العلّة هي موضع الخلاف بينهم، حيث:
- أولًا الحنفية: كان رأيهم أن علة ربا الفضل تظهر عند اتحاد صنف السلعة المتبادلة وذلك في كل ما يمكن وزنه ومكياله، فلا تصح الزيادة في أحدهما، وكان الاستدلال بقوله عزّ وجل:
“أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ*وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”.
- ثانيًا المالكيّة: كانت العلة عندهم تتعلق بالثمن فيما يخص الفضة والذهب، ومع إمكانية ادخارهما ولأنهما من جنس النفود أصبحا من الضروريات، وفي غيرهما كون تلك السلع تعد قوت يوم للكثير من الأشخاص.
- ثالثًا الشافعية: العلة عندهم في ربا الفضل للفضة والذهب هي الثمن، وباقي السلع الإطعام مع اتحاد الجنس، فقالوا إن تواجد الطعم في شيئين تواجد الربا وينفي بعدم وجوده، وكان ليلهم ما روى معمر بن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “الطعامُ بالطعامِ مثلًا بمثل”.
- رابعًا الحنابلة: تتمثل عندهم العلة في الذهب والفضة في اتحاد الجنس مع الوزن، وباقي السلع الكيل مع اتحاد الجنس، وكان دليلهم الحديث السابق: “الذَّهَبُ بالذَّهَبِ وزْنًا بوَزْنٍ، مِثْلًا بمِثْلٍ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ وزْنًا بوَزْنٍ، مِثْلًا بمِثْلٍ، فمَن زادَ أوِ اسْتَزادَ فَهو رِبًا”.
الحكمة من تحريم ربا الفضل
لما كان ربا الفضل سبيلًا للوصول لربا النسيئة فكان تحريمه من منطلق تحريم الوسائل وسدّ ذريعة الوصول، وعليه فقد اقتضي تحريمه لاكتمال الشريعة، بالإضافة إلى ذلك فقد تكمن الحكمة من تحريمه في وضع حدّ للتعامل بنظام للمقايضة، والحثّ على التعامل بنظام البيع باستعمال الأموال.
وكذلك فهو سبب لشيوع الربا في الأسواق والمجتمعات فقد حرص الشرع على تحريمه الوسيلة التي توصل له، وكما قال ابن تيمية حرم النبي بعض الأمور التي فيها من الفساد المتخفي وسوف يفضي وجودها لفساد محقق، مثل: تحريم قليل الخمر حيث قليلها يؤدي لكثيرها إجماعًا.
صور ربا الفضل
تعددت الصور وكذلك الأشكال التي تمثل ربا الفضل، على سبيل المثال: كأن يستبدل شخص ما 10 جنيهات ورقية بتسعة من الجنيهات المعدن، أو أن تتم عملية مبادلة بين الذهب القديم بالجديد دون اتحاد الوزن وينطبق الأمر على ما سبق وإن كان القبض في نفس المجلس، وغيرها من الصور المنتشرة.
اطلع على: طرق الحصول علي ارخص تذاكر طيران بخطوات بسيطة؟
الفرق بين ربا الفضل وربا النسيئة
ربا الفضل وربا النسيئة من أنواع الربا وكلاهما محرم، ويمكن التفرقة بينهما فيما يلي:
ربا الفضل
- يعني الزيادة الحاصلة في أحد السلعتين عن الآخر، عند بيع مالين ربويين من ذات الجنس، كـ بيع الذهب بالذهب فيُحرم بيعه إن لم يكن متماثلًا، وعند وجود أي زيادة يتحول من بيع إلى ربا.
أما ربا النسيئة
- فيقصد به تأخير قبض واحد من السلعتين في البيع إن اتفقت في العلة، فمثلًا إن تم بيع ما لم يتفقا في الجنس كالذهب بالفضة أو ما شابه يجوز فيها النقصان أو الزيادة، ولكن المحرم هو تأخير القبض فيحب القبض في ذات المجلس الخاص بالعقد.
- وربا النسيئة له صورة أخرى وهو ما كان منتشرًا في الجاهلية كأن يقرض الرجل أخاه مالًا على أن يُسدد في وقت بعينه، فإذا كان الوقت المتفق ذهب ليطالبه بالسداد إما يسدد أم يربي يعني أن يزيد على المبلغ المقترض.